الأربعاء، 16 نوفمبر 2016

المَحنْ ... مِنحْ

المَحنْ ... مِنحْ

 


مقال:دعاء جمال

تمر على حياة الإنسان منعطفات عدة ... بعضها جميل، والآخر ربما يكون صادماً، يغير مجرى حياته للأبد، الصدمة من اسمها صادمة تهز نفسية الإنسان بقوة، وتزلزل كيانه الوجداني والنفسي، وتؤثر في سلوكياته وتصرفاته فيما بعد....

حدوث الصدمة تجعل الإنسان عاجزاً في البداية عن كل شيء ... فهي تشل حركته وفكره وعقله وتعيقه عن ممارسة حياته الطبيعية ... تفقده السيطرة وعدم القدرة على الإمساك بزمام الأمور، بل يدخل في مرحلة الإنكار والهرب من مواجهتها ... لكنها للأسف تظهر بعد وقت وبقوة على كل كيانه الظاهر والباطن....


الإنسان يمر أثناء الصدمات بمراحل عدة من الإنكار والهروب والإحباط واليأس والمقاومة، ومن ثم المواجهة ... وهنا تكمن قدرته على التجاوز والتخلص منها نهائياً.

الكثير منا قد تعرض في مشواره في الحياة إلي العديد من الصدمات ... تختلف تلك الصدمات بحسب أنواعها ودرجة تأثيرها على الشخص ... فعلى إختلاف الصدمات يختلف تأثيرها على الأفراد بالتبعية، فهناك من يشعر بعد الصدمة أن الحياة انتهت أو أن الخير لن يعود مرة أخري ... وهناك من يتحملها ويحاول التغلب عليها....

فالقدرة على النهوض بعد الصدمة ليست امتيازاً للجميع ... فعدد كبير من البشر يصابوا بإضطرابات ومشاكل نفسية وصحية يستمر مداها أشهراً أو سنوات ... فتؤثر الصدمة على مسار حياتهم، وبدلاً من أن يعتبروها درساً يزيدهم خبرة وقوة وصلابة ... يسمحوا لها بالسيطرة على أفكارهم وإضعاف ثقتهم بأنفسهم وبالآخرين.....


«الضربة اللى ماتموتش .. تقوي»، عبارة تقال للتخفيف من وطأة الصدمات التي تواجهنا خلال حياتنا ... فيُختبر صبرنا وقدرتنا على تحمّل أوجاع الفراق أو الخيانة أو الموت ... حيث أنها  تضعنا وجهاً لوجه أمام أسوأ مخاوفنا وتخرّب سلام حياتنا وتفرض تغييراً غير مستحب في العادات والمشاعر ... لكنها في المقابل جزء من نظام الحياة ويجب تقبلها والتأقلم مع التغيير الذي يأتي بعدها.....

فعندما يهدأ الإنسان ويتأمل الحال والموقف والتجربة بموضوعية وبشفافية صادقة مع الذات، يري العديد من الرسائل والحكمة من ذلك ... فليس كل التجارب المؤلمة فارغة، بل مليئة بمحتوى إنساني عميق، تصقل شخصية الإنسان وتنضج فكره وتطلعاته للحياة بصورة أشمل وأعمق ... ومن يشاهد ذلك يكون هو من استطاع أن يتجاوز مرحلة الصدمة بإيجابية وتفاؤل وأمل، وبأن الحياة لا تنتهي بفقد أحد أو بموقف ما.

فكما يُقال «في كل محنة منحة»، نعم فالصدمات بمثابة استفاقة للعقل، وترغمنا على تعديل المسار ... لذا لا تفقد إيمانك بالله وأعرف جيداً أن الله لا يبتليك إلا لأنه يحبك .... فتوقف عن البكاء والنحيب لكي تري رحمة الله المُرسلة لك من جلالته سبحانه وتعالي ... حتي تحيا من جديد حياة أكثر إستقامة مليئة برحمات الله المُهداه لك ..............