الثلاثاء، 12 ديسمبر 2017

هل تعيش الحياة أم تقضيها؟

هل تعيش الحياة أم تقضيها؟



مقال: دعاء جمال

الحياة دوامة كبيرة تأخذنا في أحضان راحاياها، وتقلبنا في جناباتها، حتي نصبح رُفاتاً.... كنا قديماً .. نستمتع بما لدينا؛ نلعب ما نحب ونلهو سوياً .. نتعلم ما نحتاجه وقتما نشاء...

أما الآن .. فأصبح الحال غير، فقد بدأنا نفقد السيطرة على ضروبنا، أصبحنا نسعي دوماً دون انتظار النتيجة ... حيث كلما وصلنا اكتشفنا أن هناك المزيد .. أصبح الوقت لا يكفي، وباتت الوجوه باهتة، غير مرحة.....

نقضي أوقاتنا ما بين العمل والمزيد من العمل، والأعباء التي لا تنتهي .. حتي أننا لم نعد نستمتع بأبسط الأشياء، بل باتت تُجهدنا فحسب....


وللأسف أمتد الأمر إلي أطفالنا ... حيث أخذتهم تلك الدوامة منذ نعومة أظافرهم .. فأصبحوا ما بين الدراسة والدروس والتمرين .... تلك الأشياء التي قتلت براءتهم، وجعلتها كالأعباء لهم بدلاً من كونها ترفيهاً....

أصبحنا نقضي الحياة لا نعيشها .. والفرق كبير .. أين خبرات الحياة؟ .. أين الاستمتاع بها؟ .. كيف لنا أن نحلم ونحن نقتل الوقت، فلم يعد هناك مُتسعاً للحلم؟ ... كيف نحيا بلا حياة؟....

صنعنا عالماً مليئاً بالكثير مما يجب فعله .. والقليل من وقت التواصل الإنساني .. عالم مريض بمرض الإنشغال الدائم .. عالم يموت فيه كل حلم وموهبة ....


لا أريد تلك الحياة التي لا تعرف غير الأبيض والأسود ... لا أريد أن أصبح نموذجاً جديداً في عالم يملؤه الضباب ... لا أريد أن أصبح رُفاتاً كغيري ... لا أريد أن اطحن أولادي في دوامة لم يختاروها ... لا أريدهم أن يكونوا كالقطيع دون هوية .... بل أريد أن تمتزج الألوان ببعضها ... وتتلوّن الحياة بألوان الأمل والبهجة ... أن نعود نلهو ونمرح ... نحب ونحيا ... نستمتع بالحياة ونعيشها كما يحلو لنا .. وليس كما فرضته علينا......


أريد أن تُضفي روح الطفولة على الكون ... أريد أن تحيا القلوب بالحلم ... أريد أن نصنع إكسيراً للحياة يجعلها فرحاً ومرحاً .. لا عبئاً وألماً ... أريد أن نحظي بحياة تُتيح لنا أن نتوقف عن الدوران في الساقية .. وتجعل منا أُناساً تشعر وتتواصل وتتوقف عن أداء دور الآلات .. أن تُعطينا فرصة أن نعيش الحياة لا نقضيها.......