الخميس، 27 ديسمبر 2018

قدرها ... حتى لا تخسرها

قدرها ... حتى لا تخسرها



مقال:دعاء جمال

أعطانا الله تعالي الكثير والكثير من النعم، ولكن كثيراً منا لا يشعر بها ... أو يعتبرها وكأنها حقاً له .. ولم يعر فقدانها يوماً أي اهتمام...

أحياناً نشعر أن هذه النعم مهما كانت صغيرة أو كبيرة وكأنها دائمة .... فلا نهتم بها .. بل وقد نهملها ... حتى تلك اللحظة التي نخسرها فيها....

قد تكون أحدي هذه النعم هي الصحة ... نحن لا نقدر تلك النعمة التي يعطيها لنا الله تعالي ... فحين نستيقظ كل يوم ونحن نتمتع بصحة جيدة ... نستطيع أن نعتمد على أنفسنا .. نأكل ما يحلو لنا وما تشتهيه بطوننا ... لدينا القدرة على التفكير في الغد لأننا نعلم أنه لازل لدينا مزيداً من الوقت .... كلها نعم علينا أن نحمد الله عليها ونقدرها....


وقد تأتي النعمة هذه المرة على هيئة العائلة والصداقة ... تلك العلاقات الجميلة التي لا نقدرها إلا حين نفقدها ... تجتمع العائلة معاً على وليمة لذيذة وشهية ... ونستمع إلى حكايات الجدود عن الماضي ... ضحكات الأطفال وبراءتهم ولعبهم وسط التجمع .... أو حتى تلك الضحكات والسمر بين الأصدقاء في تجمع ليلة العيد ... أو في الاحتفال بمناسبة جميلة لأحدهم ... أو لاقائهم بعد غيبة .....

ومن الممكن أن تكون النعمة هي الحب ... حب الناس واحترامهم لنا ... حب وتقدير الأخرين لما نفعله من أجلهم ... أو حب الحياة والإقدام عليها ... حب المغامرة والتجربة ... حب الشغف ومحاولة الوصول للهدف ...

أو حتى ذلك الحب ... الذي هو توأم الروح ... أحياناً نتعامل معه وكأنه أبدي ... وكأنه مضمون بقائه معنا للنهاية ... ذلك الحب الذي يشعرنا بأنفسنا .. بأننا ولدنا من جديد ... وأن الروح وجدت ضالتها .. وقد رست على بر الأمان ......


كل هذه النعم وغيرها الكثير من نعم الله التي لا تعد ولا تحصي ... نتعامل معها وكأنها بلا نهاية ... وكأننا لن نستيقظ يوماً بدونها ... وإن كانت الحقيقة القاسية تقول أن الله قادر أن يمحوها في لمح البصر ... قادر بأن يذهبها عنا وادمنا لا نقدرها ... ولا نشعر بالإمتنان لوجدها .... ونحمده عليها...........

هل نحتاج إلى فقدها لكي نعرف مدى احتياجنا لها؟ ... هل علينا تذوق مرارة الألم أو الفراق حتى نشعر بقيمتها؟ ... هل لابد من رؤية زوالها حتى نعترف بأنها ليست أبدية؟ .........

علينا تقدير تلك النعم والحفاظ عليها ... علينا حمد الله تعالي عليها ... وشكره على وجودها في حياتنا ... علينا تقدير ما لدينا......

الأحد، 2 ديسمبر 2018

ندوب الحياة

ندوب الحياة



مقال: دعاء جمال

جميعنا لدينا ندوب، قد تكون ندوباً مرئية وقد تكون ندوباً لا يراها سوى من يعرفنا حقاً ... تلك الندوب هى العلامة الحقيقة لما ممرنا به ... كلنا مر علينا الكثير والكثير من ذلك الذي يؤذي المشاعر ويترك آثراً عميقاً يحمل ندباً عنه ....

ولكن منا من يخشي على نفسه منها ... يخجل من أن يراه الناس هكذا، وكأن الندوب هي وصمة من العار ... فيداريها بين نفسه لتصبح ندباً أكبر وأكبر ... حتى لا يعرف كيف يداريه بعد ذلك .... وهؤلاء هم الضعفاء حقاً ... هم من يريدوا أن يصبحوا مثاليين ... ولكن هل من أحد مثالي ؟!.


أخشي أن اعترف بأن هؤلاء لا يثيرون إعجابي البتة ... فهم مزيفون يبحثون عن تكملة أنفسهم بأشياء ليست ظاهرية فحسب بل وفانية أيضاً ... يعيشون دائماً في خوف وخجل من حقيقتهم التي يبذلون كل جهودهم لكي يخفوها عن أعينهم قبل عيون غيرهم.....

أما عن هؤلاء الأخرون الذين يعترفون بندوبهم ... هؤلاء الذين يظهرونها بكل ثقة .. فهم حقاً من ينالون إعجابي .. بل أشعر أنني واحدة منهم ... فالعالم ليس مثالي والكل لديه تلك الندوب صغيرة كانت أم كبيرة ... ظاهرة أم نحتضنها بين أنفسنا .....

من قال أن تلك الندوب هي تشوهات كما يراها البعض ... بل هي دليل قوة ... دليل حياة مليئة بالمعافرة والصمود ... دليل مواجهة الحياة وصعوبتها ... دليل أنك شخصاً طبيعياً يحيا كالجميع.....


هؤلاء الذين يفخرون بندوبهم يقدمون للعالم نموذجاً عظيماً حقاً ... نموذجاً على  أن الحياة المثالية ليس لها وجود ... فهم يدركون جيداً أننا جميعاً خلقنا لنكمل بعضنا البعض ... كلنا سواسية .....

نعم الحياة ليست عادلة ... ولكن رب الكون هو الأعدل على الإطلاق .... فإذا كان لديك شيئاً ... فغيرك لديه الشئ الأخر ... هذا هو قانون الحياة ... 

لذا لا تخش يوماً ندوبك  ولا تخجل منها ... بل اظهرها وافتخر بها ... كن قوياً ... كن ممتناً لها ... فهي التي جعلت منك إنساناً ... هي التي لقنتك الدرس .. الذي علمك معنى الحياة والقوة .. فكلما تقبلت ندوبك وافتخرت بها ... كلما كنت سعيداً ومبتهجاً ومقدراً لما لديك ....

وتذكر جيداً أن كلنا لدينا ندوب ... فلتفخر بها إذن ... فهي دليل قوتك ومصدر ضوئك في الحياة....