الخميس، 10 مارس 2016

الخيال الواقعي

الخيال الواقعي

 

مقال:دعاء جمال

الكثير منا يتمني أن يجوب العالم، ويتعرف على الثقافات المختلفة، وزيارة المعالم المتنوعة، والتعرف على مجالات وعادات جديدة لشعوب كثيرة ومتعددة، فكم تسعدنا الجولات السياحية في أماكن جديدة ومختلفة، ولكن للأسف دائماً ما يقف أمام هذا الحلم الجميل، التكاليف الباهظة للسفر والوقت الذي تحتاجه، هذا غير بعض الإجراءات التي تفرضها بعض الدول، وتكون حائلاً بيننا وبينها.


ولكني سأدلكم اليوم على أسهل وأسرع وأرخص طريقة تمّكنا من السفر عبر الحدود، دون مغادرة الكرسي الذي تجلس عليه، بالطبع ليست آلة زمن ولا تلك النظارة الجديدة التي أخترعتها شركتي سامسونج وأبل "visual reality"، لكنها القراءة، نعم فالقراءة هي أسهل طريقة للتعرف على عادات وتقاليد الشعوب المختلفة، هي التي تنقلك مع كل كتاب وكل صفحة إلى عالم جديد تتعرف عليه لأول مرة، هي الخيال الحقيقي.


قال عباس العقاد أن "القراءة وحدها هي التي تُعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة؛ لأنها تزيد هذه الحياة عمقاً، وإن كانت لا تطيلها بمقدار الحساب"، فهي ثقل معرفي تجعلك كالصندوق الذي يحتوي على الكثير والكثير من الكنوز والمعارف، وهي تجعلك تعيش أكثر من حياة لأنك تعيش مع كل كتاب تقرأه حياة مختلفة في زمن مختلف وشخصية مختلفة.

ولا ننسي ولا شك الإيجاز الشديد والمتقن في الإسلام والذي حثنا على أهمية القراءة، حيث كانت كلمة "اقرأ" هي أول كلمة نزلت في القرآن، وهذا يعرفنا على أهمية القراءة، وما لها من آثر بالغ في حياة البشرية.


أما عن عشق القراءة فلم أجد وصفاً أكثر دقة مما كتبه أحمد خالد توفيق في كتابه "يوتوبيا"، حيث قال واصفاً مشهداً بين الأبطال؛ "قال لي سالم بيه: "أنت تقرأ كثيراً..أنت مجنون!" .. قلت له إن القراءة بالنسبة لي نوعاً رخيصاً من المخدرات؛ لا أفعل بها شيئاً سوى الغياب عن الوعي. في الماضي -تصور هذا- كانوا يقرءون من أجل إكتساب الوعي ! ..".


فللقراءة فوائد عديدة لا حصر لها وإن كنت قد تناولت بضعاً منها لا يوفيها حقها؛ مثل الثقل المعرفي، والإنفتاح والتعرف على ثقافات مختلفة، وأيضاً مفعولها الساحر في القضاء على الملل والوصول إلى النشوة في عالم تتقمص فيه كل الشخصيات بخيرها وشرها، وأخيراً وليس أخراً هي علبة الألوان الخاصة بك والتي تلوّن بها حياتك، فكل كتاب تقرأه هو لون جديد تضيفه إلى ألوانك، لتكتمل لديك رسمة الحياة في أبهي وأزهي ألوانها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق