الخميس، 17 مارس 2016

أسعي للأفضل .. ولكن أرضي بالمكتوب

أسعي للأفضل .. ولكن أرضي بالمكتوب


مقال:دعاء جمال

لكل منا أحلامه الخاصة، التي يود أن يحققها، يحاول الوصول إليها، هذه الأحلام والطموحات تكون بمثابة طوق النجاة لنا في عالم واقعي لا يرحم، بل يجعلنا ندور في ساقية كسب العيش لحياة أفضل، ونحقق كسب العيش، ولكن ليس الحياة الأفضل.

ومن هنا يحدث أن كثيراً منا، يفقد ثقته في الله تعالي، ويبدأ في السخط ورفض الواقع، ولكن دعني اتسأل أين الرضا؟، ألم يأمرنا الله تعالي بالرضا، وأنه من رضي بقضاء ربه، أرداه الله تعالي بجمال قدره.

الرضا هو حالة الشعور بأن الله سبحانه وتعالي معنا، يعرف ما نحن فيه، ويقدر لنا الخير، فنطمئن ونسعد بذلك، الرضا هو أن تآتيك المصائب، وقلبك شاكراً حامداً الله تعالي على نعمته عليك، قد يكون فيها بلاءاً، ولكن في داخل كل محنة منحة قدرها سبحانه لك.


وقد يسيء البعض منكم فهمي، فيبدأ في عدم فعل شيء في حياته، مدعياً إنه راضي بما قدره الله تعالي له، ولكن هناك فرق كبير بين الرضا والتواكل، فالرضا أمر محمود أمرنا الله تعالي به، ووعدنا وهو الوعد الحق بأنه سيجازينا بكل ما هو خير لنا، أما التواكل فهو أمر بغيض، فهو عدم الأخذ بالأسباب والتقاعس عن العمل وانتظار أن يأتي الرزق دون جد ولا اجتهاد، وهذا ما نهانا سبحانه عنه هو ورسوله الكريم (صل الله عليه وسلم).

والسؤال الآن كيف يمكننا أن نكون راضيين وعلى قناعة تامة بما كتبه الله تعالي لنا، وفي نفس الوقت أن نكون طموحين نسعي لتحقيق أحلامنا والوصول لأهدافنا في الحياة؟.


فإن القناعة بمعناها الصحيح لا تتعارض أبداً مع الطموح بمعناه الصحيح، بل إن القناعة هي صمام الأمان للطموح، وهي التي تتوجِّه، وتجعل صاحبه يسعد به ويحس بجمال إنجازه، أو على الأقل يكون راضياً لا ساخطاً حين لا يتحقق ما أراد من طموح بعد أن بذل جهده، فالقناعة السليمة هي التي تكون بعد بذل الجهد كله، وليست التي تكون بديلاً لبذل الجهد.. البديل هنا ليس اسمه القناعة أو رضا، بل اسمه الكسل والتواكل، وهما مذمومان بكل اللغات.

فإن الطموح أمر جميل ويُحفز الإنسان ويُفجر طاقاته للعمل، ولكن لا أحد يضمن أن يُحقق طموحه في نهاية المطاف مهما عمل وبذل من جهد، وهنا يأتي دور القناعة المحمود في تتويج ذلك المجهود نحو الطموح، بالرضا والقبول بما آلت إليه الأمور، وبدون القناعة بهذا المعنى فإن الإنسان إذا لم يجد من عمله ما كان يطمح إليه، فإنه يصاب بالإحباط، ويكون طموحه وبالاً عليه قد دفعه إلى الشقاء، وجعله يفقد الرضا والمثابرة والصبر على تكرار المحاولة مراراً.


أما الذي يقنع بما حقَّق بعد أن بذل جهده، فإنه لا يلوم نفسه، ولا يشعر أن الظروف تضطهده، ولكنه يعرف أن تلك هي طبيعة العمل والحياة، وأن ما عليه سوى العمل الجاد، أما تحقيق الهدف فهو خارج عن إرادته.

ولهذا علينا جميعاً أن نسعي للعمل وبذل المجهود وتحقيق الأحلام، ولكن دون أن نسخط إذا لم يتحقق ما نرجوه، قد يؤخرها الله، ولكنها ستأتي يوماً ما، فهذا هو وعد الله تعالي لنا في قوله : ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى* وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى* ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى ﴾ صدق الله العظيم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق