الخميس، 11 فبراير 2016

البساطة سر الحياة

البساطة سر الحياة



مقال:دعاء جمال

"الطبيعة تسر بالبساطة" جملها قالها العالِم إسحق نيوتن، فالحياة مليئة بالكثير من الأشياء والأشخاص، ولكن دائماً ما يلفت إنتباهنا هو البساطة، تلك الصفة التي تجعلنا نُغمَر بالسعادة، من منا لا يحب البساطة، فأساس كل شيء البساطة، فهي الجمال والطبيعة، هي الإبداع، هي الأسلوب الراقي، هي أناقة الفِكر والملبس، هي طبيعة النفوس العظيمة.

البساطة تحرضنا دائماً على النظر للدنيا بتفائل وإشراق والعمل الجاد لتحقيق ما نحتاج إليه أو نهدف له، كما أنها تُلهمنا أن نلعب ونمرح ونمزح مهما كانت مكانتنا أو مناصبنا أو أعمارنا، وتزرع فينا كيف نخطف متعة اللحظة مهما كانت جداول أعمالنا مزدحمة.


تُعلمنا البساطة عدم تعقد المسائل أو تضخيم الأمور وعلاج المشكلات بكل هدوء، كما أنها تجعلنا نرى أشياء ربما لم نتسطع أن نراها ونحن نبحث عن التعقيد، يقول المثل الهندي "يمكنك أن تجد في كثير من الأحيان في الأنهار ما لم تتمكن من العثور عليه في المحيطات"، ولذلك عليك أن تبسط الأمور دائماً حتى تحصل على الهدوء والتحفيز للأمام، فمن العسير أن تبقي متحفزاً وأنت متحير، ولكن عندما تبسط حياتك، فإنها تزيد من تركيزك، وكلما زاد تركيزك على حياتك، كلما أصبحت أكثر تحفيزاً، وأكثر قدرة على تحمل الصعاب.


وعلّمنا سيدنا محمد (صل الله عليه وسلم) عدم التكلف، فهو كان كلامه سهلاً مفهومًا، يناسب المستمع، لغته كانت بسيطة بعيدة تمامًا عن التقعُّر في الكلام، كان (صل الله عليه وسلم) يهتم أن يظهر للناس في هيئة حسنة، فحسن الهيئة يدل على اعتناء الإنسان بالناس، وأنه يريد أن يُريهم منه أفضل صورة مع اختياره لأحسن الكلام، ويزيد ذلك بحُسن الخُلُق، والبساطة هنا في اتخاذ المتاح من المظاهر، والحصول على أفضل صورة منها، كما أنه (صل الله عليه وسلم) كان يقبل الدعوة من الجميع، ولم يُؤَثِّر عنده شخص الداعي، ولا نوع الطعام، فكان سهلاً في الضيافة والاستضافة، كان يحب الناس ويستمع لهم، ويكلمهم، ويسأل عن أخبارهم، ويطمئن على أحوالهم، ويتفقد غائبهم، وحينما كان يجلس بين أصحابه كان لا يتخذ لنفسه مكاناً مميزًا، ولا هيئة متميزة، بل كان يجلس مثلهم على الأرض، ولا فرق بين غني وفقير، ولا بين رئيس ومرؤوس.


ولكن لازال حتى الآن معظم الناس غير مستعدين للعيش ببساطة، أو حتى لرؤية أنفسهم كمبدعين لأنهم يربطون بين الإبداع والتعقيد، في حين أن الإبداع هو البساطة.
قال الرّسام والنّحات الإيطالي مايكل أنجلو إنه كان بمقدوره رؤية رائعته "تمثال داود" فى الصخر الضخم القاسي الذي اكتشفه في محجر الرخام، وأن كل ما كان عليه عمله هو مجرد إزالة ما كان غير ضروري من حوله لينجز تمثاله، إن الوصول إلى البساطة في حياتنا الفوضوية هو أيضاً عملية إزالة مستمرة لكل ما هو غير ضروري.


فكُن بسيطاً في مأكلك، في ملبسك، وهذا لا يعنى أن تكون فقيراً ولكن الغنَي شيء والبساطة شيءٌ أخر، كُن بسيطاً في فِكرك، في أسلوبك مع الأخرين، في تعاملاتك، في مواجهة المشكلات والصعاب، في إبداعك وإقدامك على الحياة، اقتضِ بالنبي (صل الله عليه وسلم)، كُن ناجحاً في حياتك، ومن أهل العطاء والإبداع، كُن غنياً، كُن عالِماً، كُن حكيماً، كُن حالماً ومن الطامحين، اقبل على الحياة بكل قوة وعزيمة ولكن لا تنس أن تكُن من البسطاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق